رسالة من المناضلة امنتو حيدار
انتهت المعركة أخيرا إلى ما كنا نأمل ، ورست سفينة التضامن على بر الوطن الصحراوي. امينتو خلال هذه الرحلة لم تكن سوى مستغيثة رمت بها أيادي غادرة تنفذ قرارات جائرة في أحضان المجهول. بحر متلاطم من الجحود والدسيسة والمؤامرة أو ببساطة الدوس على الأحاسيس الآدمية في مشتل الغرائز الحيوانية الواطية. لم يكن لامرأة مثلي، أنهكتها عذابات المخابئ السرية وسادية الجلادين و وقاحة الجاحدين، من سبيل لصد الانتقام الأعمى غير الدفع بما استجمعت من قوة أو ما تبقى لأقول لا ، لا لاستمرار البطش بالأبرياء، لا للتحامل على مدافعين صحراويين عن حقوق الإنسان وتقديمهم أمام محكمة عسكرية وتلفيق تهمة التخابر ضدهم والزج بهم وراء أسوار سجن وفي عزلة قاتلة عن العالم ،لا لإهمال معتقلين سياسيين صحراويين يموتون في صمت داخل السجون المغربية نتيجة الأمراض المزمنة والخطيرة، لا بل كفى ثلاثون سنة ويزيد من عمر مأساة قلبت أحلام شعبي كوابيس بين الشتات والمصير المجهول لمئات المختفين.
تلكم تعبيرات جسدي المثخن بالآلام، نعم ولكن لم يطاوعني حبي للحياة والطائرة تحط بي مُرَحلةً إلى مطار لانثاروتي أن أختار دربا آخرا غير درب الكرامة والثبات على الموقف و الإخلاص لكل أولئك الذين يحفظون ذكرى لحظات جمعتنا تحت التعذيب ،في الزنا زن أو في المحاكمات،لحظات تطفح بمعاني الإنسانية النبيلة رسخت فينا قيم السخاء والود ونكران الذات. هي ذاتها اللحظات، التي ما إن أعلنت دخولي إضرابا مفتوحا عن الطعام بالمطار وتشكلت أرضية التضامن مع امينتو حيدار لإسناد معركة العودة،تأبى إلا أن تعيد نفسها في صور محملة بالجديد، وأي جديد ذاك الذي يحكي أن لا حدود تستطيع وقف زحف دافق من المشاعرالانسانية السامية والجميلة تعبر البلدان كما القارات،لتكرم في امينتو الإنسان وتكرم فيها الأمومة وتكرم فيها مبادئ وقيم شعب اسمه الشعب الصحراوي . كم كانت تلك اللحظات قوية بإشاراتها ،دافئة دفء حنان الأم والوطن ،جامعة لأجمل ما وصفت به قواميس الدنيا معنى الحياة .أعطيتموني، يا من آويتموني في ملجئي واحتضنتموني في محنتي،أسباب الصمود وقويتم في أمل البقاء ولم أحسس أبدا أنني أعاني وحيدة. فتًحتم لي آفاق نظرة أخرى لمدلول الإنسانية وهي تهجر أشكال التقوقع والعصبية ولا تُسلم بجدوائية خصوصية ما إلا بما يخدم الإرث الجماعي لبني البشر، فالثقافات على اختلافها والأديان وتعددها بالإمكان تسخيرها لخدمة التسامح والوئام والتعايش بين الشعوب. إن من يعاين حجم الاستنفار العالمي الذي فرضتموه إيقاعا مستمرا لأجل نصرتي بالعودة دون شروط إلى وطني الصحراء الغربية ، يكتشف أن ما أثمر من تجاوب قل نظيره يعطى الدليل مرة أخرى أن الشعوب المؤمنة بسمو الكائن البشري والمقدسة لقيم العدالة وحقوق الإنسان قادرة على فرض اختياراتها .
بمناسبة حلول السنة الميلادية الجديدة 2010 بأحر التهاني و اخلص التمنيات بالرفاهية و الصحة الجيدة والطمأنينة أتوجه إليكم أنتم جموع المتضامنين، إسما ،إسما ، بالأرضية التضامنية وبمركز روبرت كينيدي للعدالة و حقوق الإنسان وبجمعيات الصداقة مع الشعب الصحراوي باروبا و الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا و استراليا و أمريكا اللاتينية و أسيا والشخصيات الحائزة على جائزة نوبل للسلام والمحامين و الأطباء والفنانين والسينمائيين و الكتاب والأساتذة والطلبة بالجامعات والمنظمات الحقوقية الدولية "كمنظمة العفو الدولية"و "هيومان رايت ووتش "و "فرونت لاين " والمؤسسات الدولية كالأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان و المفوضية السامية لغوث ألاجئين والبرلمان الأوربي والبرلمان الاسباني والبرلمان البرتغالي والحركات النسائية والنقابات و الأحزاب السياسية والبلديات الاسبانية و الايطالية وغيرها و وسائل الإعلام الاسبانية والجزائرية وكل الأقلام الحرة عبر العالم التي استطاعت فتح كوة نور في عتمة الظلام الذي نسجت خيوطه دعاية المخزن الخائبة و إلى الجالية الصحراوية و خاصة جالية و شعب لانثاروتي ،إلى كل هؤلاء والذين أكون قد نسيت ذكرهم مستسمحة إياهم، أهنؤكم بنجاح معركة العودة المظفرة و أقدم لكم عبارات الشكر والعرفان باسمي ونيابة عن كل الشعب الصحراوي الذي يعتز اليوم باتساع دائرة مناصريه والآمال تحذوه في مواصلة المزيد من الضغط لإطلاق سراح مجموعة السبعة المعتقلين بسجن سلا المغربية وكافة المعتقلين السياسيين الصحراويين في باقي السجون المغربية والكشف عن مصيرا لمفقودين الصحراويين في أفق الاستجابة لمطلب تمكينه من ممارسة حقه المشروع في تقرير المصير عبر استفتاء حر عادل ونزيه .
و في الأخير أتمنى من كل قلبي أن تكون السنة الميلادية الجديدة 2010 سنة سلام و احترام للقيم الإنسانية وسنة انتصار للعدالة الدولية.
المدافعة الصحراوية عن حقوق الإنسان امينتو حيدا
تعليقات
إرسال تعليق