محمد لمين أحمد مأبنا الفقيد: "ودعك الشهيد الولي تاركا الأمر كله بيدك، فكنت خير خلف لخير سلف، وأديت الأمانة على وجهها الصحيح

قدم عضو الأمانة الوطنية، محمد لمين أحمد، كلمة تأبينية مؤثرة صبيحة اليوم، على روح الفقيد المحفوظ اعلي بيبا، أسالت دموع الحاضرين، وذكرتهم بخصال، ونضال ووفاء الفقيد الذي مات بين أبناء شعبه، على العهد، واقفا، صامدا في وجه الطغيان إلى آخر رمق من حياته.
وفيما يلي النص الكامل للكلمة، التي ألقاها محمد لمين أحمد باسم الأمانة الوطنية للجبهة:
-------------------
كلمة الأمانة الوطنية التأبينية على روح المرحوم المحفوظ اعلي بيبا
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحق سبحانه وتعالى: "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا." صدق الله العظيم".
نقف اليوم خاشعين لله أمام جثمانك الطاهر وروحك التي ودعتنا يوم الجمعة وهو يوم السعادة لكل نفس اخذ الله بناصيتها فيه.
إنك أيها الرفيق الغالي لرمز من رموز الوطنية الصحراوية التي لم تتغير منذ أن عرفناك يافعا وبالغا ورجلا حكيما، رزينا وثابتا على تلك الأخلاق العالية متمسكا بالمثل الصحراوية السامية.
لقد كنت سباقا في بناء أسس الدولة الصحراوية الإدارية، وعرفناك في الميدان بين الشيوخ والنساء والأطفال، تحمل على كاهلك هموم هذا الشعب الطريد، تكون وتعلم وتقود بتواضعك المعهود. فأنت أمام الناس في الشدة وفي زمن القحط ولم تولي شعبك الأدبار قط، وأنت عفيف وقت الرخاء زاهد في الدنيا وزخرفها فأنت من أحكم الحكماء الصحراويين والمحرض على وحدة الفكر والصف، تتذكرك وزارات الداخلية والعدل والإعلام والصحة، تعانقك ولاية الداخلة ويلوح التنظيم السياسي والإداري والتشريعي محييا ذلك النجم القطبي وتلك العبقرية الصحراوية.
لقد ودعك الشهيد الولي تاركا الأمر كله بيدك، فكنت خير خلف لخير سلف، وأديت الأمانة على وجهها الصحيح.
لقد أفنيت شبابك وودعت الأحبة لخدمة هذا الشعب الجريح، فتركت بصماتك في كل ميدان؛ في الإدارة، وفي التسيير، وفي البناء المؤسساتي وفي العطف على الآخرين وقبل ذلك في بناء التنظيم الداخلي في الأرض المحتلة في سنوات 1973 و 74 وفي العمل الفدائي وتفجير الحزام الناقل للفوسفات في 20 أكتوبر 1974.
نحن الذين تركتنا ورحلت لا يمكننا تعداد مناقبك، فأنت القائد الفذ وأنت الذي كنت ترفع همم الرجال لما ينساب إلى نفوسهم الملل، وأنت الرجل الذي لم يسمع منك أي كان كلمة عار طيلة حياتك، فمن من القوم لا يذكر المحفوظ اعلي بيبا وهو ينظم بالداخل، ومن منا لا يتذكر المحفوظ اعلي بيبا وهو يبني مؤسسات الدولة الصحراوية، ومن منا لا يتذكر المحفوظ اعلي بيبا وهو يبني ضمن زمر الاقتحام الأمامية في هذا الباب، نحن هنا لا يمكننا إحصاء أعمالك الجليلة المقدمة للشعب الصحراوي أنت الذي دفعتك تلك الوطنية العارمة لتتقصى حقائق النضال في جنوب المغرب بعد ميلاد الحركة الجنينية لتقوم متطوعا بالتنسيق بينها ومناضلي المنظمة الطليعية التي عايشت المذبحة الموجهة لها في انتفاضة الزملة في 17 يونيو 1970. وأنت الذي قمت بذلك العمل الجبار دون افتخار به تاركا الفخر للشعب الصحراوي، بناء التنظيم الداخلي للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
أنت ذلك الشاب المتواضع الذي شاخ قبل الأوان، لأنك حملت هموم هذا الشعب الخلاق.
أنت من نظم وخطط ونفذ العمل الفدائي في الوطن المحتل، أنت العنصر الفاعل في اللجنة التنفيذية وأمينها العام بالنيابة ومحرك التنظيم الداخلي.
يفتخر بك أيها الرفيق الغالي الشعب الصحراوي لأنك كنت إلى جانب رفيقك الشهيد الولي من الرواد الاوائل للوحدة الوطنية والمدافعين عنها. يتذكرك القوم من أقصى الساقية الحمراء ووادي الذهب إلى أقصاها في تلك الايام الخالدة المشهودة.
ومن من الشعب الصحراوي لا يتذكر المحفوظ اعلي بيبا وهو يشرف على تسيير الحكومات الصحراوية المتلاحقة، ومن من الصحراويين لا يتذكر كلمة المحفوظ اعلي بيبا الخالدة: "إذا صوت الصحراويون للمغرب فأنا لست مغربيا."
من من الصحراويين لا يتذكر المحفوظ اعلي بيبا وهو يقارع الحجة بالحجة في سير المفاوضات مع حكام المغرب الغزاة من أعتاهم إلى أعتاهم، حتى أصبحت حجتهم داحضة أمام العالم. من من الشعب الصحراوي يمكن أن ينكر الجميل جميل المحفوظ اعلي بيبا وهو يقود المؤسسة التشريعية لاستكمال بناء مؤسسات الدولة الصحراوية التي كان المحفوظ اعلي بيبا من تلا الإعلان عن قيامها.
أيها الرفيق الغالي، أوفيت بالعهد وبقيت عند كلمتك التي لفظتها ولم تتنكر لمبادئك الوطنية حتى وافاك الأجل المحتوم. إنك كالكتاب الذي لا يعامل بالمكر، ولا يخدع بالنفاق، ولا يحتال بالكذب، إنك الرفيق الذي لا تُمل صحبته، الناقد بالذكاء لمصلحة الوطن الصحراوي الجريح.
ما لنا في فقدانك إلا الصبر والإخلاص للمبادئ التي التقينا عليها أيها الغالي، والصبر هو المطية التي لا تكبو، وقد كنت صبورا، والصبر من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده "وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب." صدق الله العظيم.
نودعك والدمع يسيل رقراقا تحسرا على فقدانك المبكر أيها الغالي، إنك لست ابن فالة وحمد، لكنك ابن كل الصحراويات والصحراويين، نبكيك مودعين وشاكرين الله لأنك تودعنا لترتاح إلى من هو خير منا رافعا الرأس مخلدا ذكرك بأفعالك.
لك علينا عهد كما كان للشهداء عليك عهد، بأن نواصل المسيرة حتى ينتزع الشعب الصحراوي حقه أو يموت دونه، فوداعا ايها الرفيق الغالي وإنا لله وإنا إليه راجعون.
اللهم يا رب ارحم هذا الرجل الصحراوي الفذ، واسكنه فسيح جناتك واجعله مع العليين من عبادك الصالحين وخلده مع الشهداء والأنبياء والصديقين يا أرحم الراحمين يا رب العالمين. اللهم عوضه أهلا خيرا من أهله، وبيتا خيرا من بيته، اللهم إنك تعلم أنه أفنى حياته خدمة للفقراء والمعوزين من الشعب الصحراوي المظلوم، فأوفه أجره يا حي يا قيوم.
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون." صدق الله العظيم.
4 يوليو 2010
تعليقات
إرسال تعليق