سيدة جزائرية تبلغ من العمر 117 سنة و لديها 160 حفيدا
لم تتوقف عن صيام الشهر الفضيل منذ أن كان عمرها ست سنوات، وحتى قبل تسجيلها في سجل الحاكم الفرنسي آنذاك، أو ما عرف بعد استقلال الجزائر بسجل الحالة المدنية.
بعملية حسابية بسيطة، فإن رصيد الحاجة يامنة أو ''مومياء التيطري''، كما يحلو لبعض أفراد عائلتها تسميتها، يزخر بربع مليون من الصلوات الخمس، وهو رقم قياسي بعد أن باشرت الصلاة وعمرها لا يتجاوز الست سنوات أيضا ولم تتركها يوما.
والأغرب أنها تستقبل رمضانها الـ111 الذي ستصومه إن استطاعت إليه سبيلا، بسبب وضعها الصحي المنهار، بطريقة مخالفة لم تعهدها عائلتها من قبل، فهي منذ عام أصبحت تقوم الليل وتنام بالنهار، أي أن الحال تغيّر لديها بعد أن فقدت البصر، وغالبا ما تلجأ إلى زجرنا منتصف النهار قائلة: ''ألا تذهبون إلى فراش النوم، والعكس ليلا، حيث تلجأ إلى إيقاظنا للاستئناس بالحديث إلينا، ظنا منها أنها ساعات النهار''.
حاولنا النبش في ذاكرة الجدة يامنة حول رمضانيات أيام التيطري الغابرة، بين وضع استعماري قاس وآخر اجتماعي أقسى، إلا أن الوضع الصحي للجدة يامنة لم يمنحها القدرة الكافية للحديث إلينا، إلا أنها جزمت بأن كل شيء تغيّر، ولم تحس بأي رضا منذ عشرات السنين بما يجري حولها من تحوّلات، وانهيار في القيم التي اعتادت عليها مع جيلها الذي غادر أو المستعدون للمغادرة في أي لحظة إلى جوار ربهم.
الجدة يامنة حريصة، كل الحرص، على سحب منحتها التي تتقاضاها من الدولة الفرنسية، لا رغبة منها في المال، بل تعتبر ذلك مبدئيا وسيلة قصاصها الوحيدة ضد ما تعرّضت له كأم جزائرية من ظلم الاستعمار، حيث عاشت تتهم جيشه بقتل نجلها الذي استشهد غصبا في حرب الفيتنام، بعد التجنيد القسري في صفوف الجيش الفرنسي آنذاك. ''زاد حرصها على الاحتفاظ ببطاقة تعريفها الوطنية، وتقوم بإخفائها بعناية تحت غطاء شعرها، لأنها في اعتقادها وسيلتها للتأكد من تكليف أحدنا بسحب منحتها. ونظرا للخوف من تلف البطاقة، نلجأ إلى وضع مكانها قطعة ورق شبيهة بدلها لطمأنة جدتنا على بطاقتها''.. يضيف حفيدها محمد. لم تغادرالجدة يامنة منطقتها الأصلية بلدية الزبيرية بتاتا، ولم تزر طبيبا قبل أن يتجاوز عمرها القرن، كما رفضت أن ''يلبسها'' طبيب الأسنان طقما لتعويض أسنانها المفقودة، وتعتبر أن الأمراض من صنيع الأطباء أنفسهم.
ويعتقد أفراد عائلتها بأن كل هذا كان وراء تعميرها 117 سنة، وبلوغ رصيدها البشري أزيد من 160 حفيد، أغلبهم لا تعرف عنهم ولا يعرفون عنها شيئا، بسبب فارق الزمان والمكان، لكنها احتفظت بالكثير من الذكريات، حلوها ومرّها
تعليقات
إرسال تعليق